سجلت مراجع سياسية تطوراً إيجابياً كبيراً في الموقف الأميركي من آليات تطبيق قرار حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، حيث أبلغ الموفد الرئاسي الأميركي، توم براك، رئيس الجمهورية العماد جوزف عون اليوم، موافقة واشنطن على تعديلات لبنان على الورقة الأميركية، ولا سيما منها مبدأ "خطوة مقابل خطوة"، وأنه سيتحدث مع الجانب الإسرائيلي للحصول على موافقته.
وكشفت مصادر دبلوماسية مواكبة لـ"الجمهورية" أن براك جاء ليترجم الورقة إلى جدول زمني تفصيلي: نشر الجيش اللبناني في نقاط حساسة خلال 30 يوماً، وتسليم أول دفعة من الصواريخ الثقيلة للجيش قبل 31 تشرين الأول.
وأضافت لـ"الجمهورية" أن واشنطن باتت مقتنعة بأن أي تقدم يجب أن يترافق مع حزمة دعم اقتصادي عاجلة للبيئة الشيعية، وإلا سيتفتت التوافق الهش داخل لبنان.
وكشفت أن إسرائيل كانت قد سلمت البيت الأبيض وثيقة تطلب "حرية عمل جوي" فوق لبنان، وحق "التنفيذ النشط" لمنع إعادة تسلح حزب الله، غير أن براك يسعى لصياغة آلية مراقبة دولية (تضم قوات "اليونيفيل" والقيادة المركزية الأميركية) تجعل إسرائيل تستغني عن هذه المطالب جزئياً، مقابل ضمانات أميركية-فرنسية.
وأكدت المصادر أن الخطوط الحمر لدى كل طرف باتت كالتالي:
الولايات المتحدة:
- تسليم كامل سلاح حزب الله الثقيل قبل 31 كانون الأول 2025.
- بقاء سلاح الدولة حصراً، وتطبيق القرار 1701، وإلزام الحكومة بالإصلاحات المالية؛ وإلا فعقوبات "ماغنيتسكي" جاهزة.
لبنان (الرؤساء الثلاثة):
- مبدأ "خطوة مقابل خطوة": الانسحاب الإسرائيلي يجب أن يبدأ قبل تسليم أول صاروخ.
- عدم استخدام الجيش ضد أي فصيل لبناني، وهو خط أحمر أكده الرئيس جوزيف عون مراراً.
إسرائيل:
- عدم بقاء أي منظومات صاروخية لحزب الله جنوب الليطاني في أي مرحلة انتقالية.
- حرية عمل استخباراتية وجوية إلى حين التحقق من التفكيك الكامل.
هل تقبل إسرائيل بمبدأ "خطوة مقابل خطوة"؟
يميل الموقف الرسمي للرفض، إذ تُصر تل أبيب على أن نزع السلاح يسبق الانسحاب الكامل، وتريد بقاء يد عسكرية طويلة داخل الأجواء اللبنانية.
في حال قبل براك بتشكيل "قوة تحقيق دولية" ذات صلاحية وصول غير مقيد للمواقع التي يُزال منها السلاح، يمكن أن تتجه إسرائيل لقبول صيغة متدرجة: انسحاب من ثلاث نقاط حدودية فور بدء تسليم السلاح، ثم استكمال الانسحاب مع المرحلة الرابعة من التفكيك.
لذلك، يُقدر احتمال الموافقة الإسرائيلية المبدئية على نموذج "خطوة مقابل خطوة" إذا ضُمنت حرية الاستطلاع الجوي لمدة ستة أشهر إضافية.
خلاصة:
زيارة براك اليوم هي لحسم التفاصيل التنفيذية ومنع تفجر المسار قبل مؤتمر المانحين في الخريف. تلوّح واشنطن بالعقوبات لضبط الداخل اللبناني، وتعمل في الوقت نفسه على منح إسرائيل ضمانات أمنية تُقنعها بقبول التدرج. نجاح المعادلة سيتوقف على قدرة الحكومة اللبنانية على إظهار خطوة حقيقية – مثل تسليم أول بطارية صواريخ – خلال الأسابيع الثلاثة المقبلة؛ وإلا سيعود ملف الجنوب إلى نقطة الصفر.